تعتبر الجراحة التجميلية من الإجراءات التي تهدف تحسين المظهر العام من جهة وتصحيح العيوب والأداء في أجزاء من الجسم من جهة ثانية، وتتضمن هذه العمليات أنواعاً عدة مثل عمليات شفط الدهون وشد البطن، وتحديد الجسم وجراحة الوجه وتحديد الذقن، وترميم الأسنان وتجميل الأنف وما إلى ذلك. 
وفي الآونة الاخيرة نلاحظ أن هذه العمليات في تزايد مطرد، وهي لا تعرف عمراً أو نوعاً، إذ أن العديد من الأفراد يقبلون عليها مهما اختلفت أعمارهم، وسواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، إذ يبدو أن التجميل اليوم أصبح من متطلبات الحضارة!  

 

تخصص أكاديمي
يقبل الطلاب الأطباء الذين أنهوا دراسة الطب العام إلى استكمال الدراسة في اختصاص الجراحة التجميلية والترميمية، وتوجد بعض الاختصاصات التي تنطوي في حد ذاتها على التجميل من مثل اختصاص الجلدية وجراحة الفك وترميم الأسنان والأذن والأنف والحنجرة.  
وفي المعنى الطبي لعمليات التجميل يقول د مهند سلامة – اختصاصي اذن انف حنجرة وجراحتها  وتجميل الانف والاذن والوجه- 
بأنها إجراء جراحي طبي يقوم به الجراح إما لسبب وظيفي كتجميل الأنف الوظيفي في حال هبوط الذروة او ميلان المحور بشكل كبير، أو لتحسين حالة تشوه سابقة ككسر الأنف او شفة الأرنب، أو قد تكون لتحسين المظهر، وهنا تكون حسب رغبة المريض إذ لا يوجد تشوه كبير واضح لديه، إلا أنه يرغب في تحسين شكله، والطبيب في هذه الحالة هو الخبير بالأنسب والأفضل إذ يوافق بين رغبة المريض من جهة وبين القرار الجراحي المناسب من جهة ثانية، ومن المفروض الا يتم العمل الجراحي إلا بعد حدوث توافق بالرأي بين المريض والطبيب.

دوافع نفسية اجتماعية
تختلف الأسباب والدوافع حيال إجراء العمل الجراحي التجميلي، فمنها ما هو بغاية إصلاح عيب ما ومنها بغاية التقليد ومواكبة الموضة ليس إلا، وهنا يرتبط الموضوع بتراجع الثقة بالنفس أحياناً وعدم تقبل الواقع ورفضه أحياناً أخرى، أو بسبب التقدم في العمر وما له من انعكاس على الأشكال بصفة عامة.
إذ تراجع العديد من الحالات العيادات التجميلية بدوافع تتعلق بالمجتمع وما يطلقه من انتقادات لاذعة أو كلمات سيئة في حال وجود تشوه ما أو ضعف في الاهتمام بالمظهر لاسيما في وسط السيدات، بالإضافة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم تضج بأسماء أطباء ومراكز تجميل تستعرض أهم العمليات التي تجريها بشكل يومي، ناهيك عن دور الفنانين والمشاهير أصحاب التأثير الكبير والذين تتغير أشكالهم بين يوم وآخر لكثرة عمليات وإجراءات التجميل التي يقومون بها.   

 

بُعد أخلاقي
يقول د.سلامة أن الناحية الأخلاقية  في إجراءات التجميل تكمن بمدى المصداقية بين الطبيب والمريض، والتصريح الواضح من قبل الطبيب والشرح الدقيق للحالة، ومع هذا فإن عمليات التجميل تبقى أموراً شخصية طالما أنها لا تسبب الأذى للآخرين، بل هي بطريقة أو بأخرى تسهم في تحقيق إثبات الوجود وتعزيز الثقة بالنفس عند المريض.
ويعقّب بأن السبب الرئيس في الإقبال على الجراحات التجميلية خاصة في اختصاص أذن أنف حنجرة هو السبب الطبي الوظيفي، لاسيما في المناطق الساحلية التي تشتهر بطقسها الرطب والمؤذي لحالات الجيوب وانحرافات الوتيرة، إلا أن الحالات التي ترغب في إجراء التجميل لأسباب اجتماعية في تزايد مستمر.  
ويرى د.سلامة بأنه قد يترتب على مجاراة الموضة حالات نفسية سيئة للغاية قد تصل لدرجة الانتحار أحياناً في حالة عدم رضا المريض عن مظهره النهائي، لاسيما مع تكرار نفس العمل الجراحي أكثر مرة. والحالة تكون خاصة جدآ عند التعامل مع الأطفال، ففي حالات التشوه في الوجه والأنف أو تبارز الصيوان (أذن الخفاش) وهو أمر شائع، نلجأ للجراحة التجميلية كإجراء طبي نفسي في ذات الوقت لتخفيف شعور الإحباط لديه، لاسيما وأنه قد يتعرض للتنمر من قبل زملائه في المدرسة بسبب شكل أذنيه أو أنفه.

 

سوريا وجراحة التجميل
تعتبر سوريا من أرخص الدول العربية في مختلف الإجراءات الطبية التجميلية منها والوظيفية، وتشهد دائماً زواراً عرب بقصد إجراء التجميل على أراضيها، وذلك بسبب تدني أجور الأطباء فيها مقارنة بزملائهم في الخارج، وكذلك بسبب تراجع أجور اليد العاملة، بالإضافة إلى الاعتماد على الكم لتحقيق الأرباح.
ويرى د.سلامة أن الجراحة التجميلية في بلدنا وفي العالم على العموم ستنحصر بيد طبقات اجتماعية معينة، لاسيما بالنسبة للمواطن السوري، إذ أن أسعار العمليات تشجع السواح والزوار من خارج القطر إلا أنها تؤثر سلباً على المواطنين السوريين الذين يعانون اليوم من ضائقة اقتصادية كبيرة.
 

خلاصة
إن الانتشار الكبير للمراكز التجميلية وتقديمها للعديد من الخدمات يضعنا في صورة تنبؤية انطلاقاً من واقع التخصص في التجميل في العالم ككل، إذ أن الصيحات العالمية اليوم تنادي بالاستفادة من تطورات العلم مثل الذكاء الاصطناعي، فلا ريب أن نرى في القريب أشكالنا التي سنؤول إليها بعد العمل الجراحي فنحدد ما نريد أن نكون وأية مواصفات نرغب بها فيتم تنفيذ ذلك، ولا ريب بأن تدخل يد الانترنت في إجراء العمليات التجميلية أيضاً بنسبة أكبر من يد الأطباء. 
وبشكل عام تشكل الجراحات التجميلية دخلاً هاماً للعديد من الدول حول العالم فيما يعرف بالسياحة التجميلية، وهي من الخطوات الهامة التي يجب أخذها في الحسبان خلال عمليات ترميم البلد من آثار الحرب النفسية والاجتماعية والاقتصادية على حد السواء.